يعتبر المفكر الإسلامي التركي محمد فتح الله كولن رائدامن رواد حركة التنوير والرموز الثقافية بالعالم من خلال آرائه التي تتسمبالمرونة والبعد عن التعصب الداعية للتعاون بين أبناء العائلة البشريةللوصول إلي تفاهم مشترك يقضي علي العنف والإرهاب ويدعم التنمية والرخاء.
كتب المفكر فتح الله كولن عددا من المؤلفات التي تزيد علي العشرين كتابافي اتجاهات الفكر الإسلامي من زوايا متنوعة حسبما تقتضي المناسبة. ومنألمعها مؤلفه: "أضواء قرآنية" حيث تناول المؤلف عددا من الآيات حسبترتيبها في القرآن الكريم. مشيراً إلي أن القرآن هو الضوء اللامع وصوتالملكوت الذي يخاطب الإنس والجن. ويرتقي ليصل إلي قمة الفكر الصحيح ويعدأساساً في التعبير الدقيق المنطقي. الذي وصل إلي زوايا متنوعة في قفزةواحدة. مما جعله يمتلك ناصية التأثير في العقول والأرواح علي السواء.
متابعاعرضه لرؤيته في تناول آيات القرآن الكريم انها اشارات متجددة غفلالمعاصرون عن الإفادة منها رغم أهميتها فقوله تعالي: "ومنهم أميون لايعلمون الكتاب إلا أماني وان هم إلا يظنون" مبيناً أن هذه الآية ترسمصورة بعض المثقفين الذين تعلقت قلوبهم بأوهام حول عالم مثالي بدلاً منالتعلق بحقائق الدين. حيث نري أن أسس الماركسية والشيوعية والرأسمالية نوعمن الأماني والهروب من الدين إلي عالم الخيال والتكهنات. مما جعل المسلميناليوم تائهين في فلك الآمال. سيراً علي مناهج السابقين وهو ما أورده رسولالله صلي الله عليه وسلم في حديثه الشريف: "لتتبعن سنن من قبلكم شبرا بشبروذراعا بذراع. حتي لو سلكوا جحر ضب لسلكتموه". وإذا لم يتحرر العالمالإسلامي من اعتناق نظريات ومباديء الغير. ويسعي جاهدا للعودة إلي الأصولوالمباديء الإسلامية فستكون انتكاسة.
ينتقل المفكر كولن إلي قاعدةالتيسير في المعاملات والعبادات كمنهج إسلامي أصيل ورد النص عليه في قولهتعالي: "يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر". موضحاً أن القاعدةالعامة في الإسلام رفع الحرج والمشقة مما يظهر ان الإسلام لا يقصدبعباداته التي فرضها علي أتباعه مجرد الإرهاق الجسدي. بل كان هدفه السموالروحي والوصول إلي الله تعالي الذي ورد في قوله تعالي: "وإذا سألك عباديعني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهميرشدون" وسؤال العبد ربه دليل محبته وقربه. وهي مرتبة يبلغها المسلمبالتعرف علي الله والقرب منه ليتحقق له الاستجابة للدعاء الخارجة عنالابعاد الكمية والكيفية مما يدحض أصوات الماديين والطبيعيين الذينتجاهلوا إرادرة الله ومشيئته التي تتحكم في النواميس الكونية.
وينتقلالمفكر كولن من إجابة الدعاء إلي الطريق الموصل إلي ذلك وهو التزام الطاعةواجتناب الموبقات التي ورد النص عليها في قوله تعالي: "إن تجتنبوا كبائرما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلاً كريماً" وهي ما تتفق معحديث رسول الله صلي الله عليه وسلم بقوله: "اجتنبوا الموبقات. قالوا: يا رسول الله وما هن. قال: الشرك بالله. والسحر. وقتل النفس التي حرّم اللهإلا بالحق. وأكل الربا. وأكل مال اليتيم. والتولي يوم الزحف. وقذفالمحصنات المؤمنات الغافلات". وهذه الموبقات بمثابة الأمراض الاجتماعيةالتي تصيب حركة التنمية والتقدم بالشلل التام وتقطع الصلة بين العبد وربه.مما يفسد إجابة دعائه ويؤثر بالسلب علي حركة المستقبل الإسلامي بصفة عامة.
يتابعالمفكر كولن عرضه للخواطر القرآنية حتي يصل إلي نهاية المطاف بعرض قولهتعالي: "فإذا فرغت فانصب". مشيراً إلي أن نهاية المؤلف ليس دليل أداءالواجب عليه تجاه إخوانه بالتنوير وعرض القضايا والحلول المقترحة لها.للمساهمة في نهوض العالم الإسلامي من الكبوة التي يعيشها. مؤكداً أنالفراغ من العمل يمثل الراحة المؤهلة للبدء في آخر. والتمام يعد سعادةنفسية لبدء مبادرة أخري. حتي يعيش المسلم اليسر في العسر. ويتصرف في ضوءأن العالم المادي يكمل العالم اللا مادي بما يقضي علي الفجوات في حياته.
اعتذر عن الاطاله اخوكم عمر الشريف