حق الله هو الحق الوحيد الذي لا يقابله واجب ومهما عبد الانسان ربه وأخلصفي الإيمان به فإنه لا يملك أن يلزم ربه بأن يدخله الجنة لأن حق الله مطلقوحقوق العباد مقيدة بالواجبات المقابلة فما من حق لعبد إلا ويقابله واجبفي ذمته ويلزم بدفعه في مقابل ما له من حق وقد قامت منظومة حقوق العبادعلي هذه المقابلة فما من حق إلا ويقابله واجب في البيع والايجار والزواجوالطلاق والحرب والسلام والحكم والسياسة وغيرها فحق الحاكم يقابله حقوقالمحكومين وحقوق الدولة يقابلها حقوق الأفراد وحقوق البائع يقابلها حقوقالمشتري وحقوق الزوج يقابلها حقوق الزوجة ولا يوجد حق مطلق لعبد حتي فيحقوق الملكية فإن المالك لا يملك أن يستعمل حقه بما يضر غيره ولهذا كانحقه في استعمال ملكه محدودا بحقوق الآخرين ويقف استعماله إذا ماترتب عليهاضرار بهم. ومن لوازم تلك المقابلة ان من يمتنع عن الوفاء بالحق المقابليرغم علي الوفاء به قضاء أو إلزاما. أما حق الله فإنه خارج عن تلكالمقابلة لأنه لا يقدر أحد علي أن يلزم ربه بعمل مالا يريده لأنه سبحانههو القاهر فوق عباده والقاهر لا يقهره أحد من خلقه مهما بلغ سلطانه ومهماوصلت قوته. ولهذا فإن الله إذا أثاب عبدا أو ادخله الجنة لا يكون ذلكالجزاء الكريم مقابل عمله بل من فضل الله ورحمته وقد جاء في الحديثالصحيح: "لن يدخل أحدكم عمله الجنة قالوا ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ولاأنا إلا أن يتغمدني الله برحمته". ومن مأثور الدعاء الصحيح: اللهم عاملنابالفضل والاحسان وليس بالعدل والميزان ثم ان الانسان مهما عبد ربه وأطالالعكوف علي عبادته بالليل والنهار فإنه لن يستطيع أن يكافيء أقل نعمة مننعم الله عليه في صحته أو بدنه أو أولاده أو زوجته أو ماله أو ما إلي ذلكمن متع الحياة ونعمها والله سبحانه لم يقدِّر أن يكون حقه مطلقا لمصلحةتعود عليه لأنه سبحانه غني عن العالمين فلا تنفعه طاعتهم ولا تضره معصيتهمولم ينسب الحق لنفسه لأنه فقير أو بحاجة إلي حق فهو غني عن العالمين. قالسبحانه: "يا أيها الناس أنتم الفقراء إلي الله والله هو الغني الحميد إنيشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد وما ذلك علي الله بعزيز" وانما اضافة لتشريفهذا الحق واما المصلحة المرجوة منه فإنها تعود بالنفع علي الناس جميعا منغير اختصاص بأحد ومن ثم كان هذا الحق العام شريفا ومعظما وحتي يحترم الناسالحق العام ويقدموه علي حقوقهم الخاصة عند التنازع ولهذا كان من قواعدالفقه الاسلامي تقدم المصلحة العامة علي المصلحة الخاصة.
ومن رحمة الله بالضعفاء والمظلومين انه قد ألحق بحقه في التعظيموالحرمة حق كل إنسان ضعيف أو مظلوم يعجز عن الوصول إلي حقه. فحقوق الأطفالوالمسنين والمرضي وذوي العاهات العقلية التي يمنعهم من المحافظة عليحقوقهم أو المطالبة بها. وحقوق الوالدين عند العجز والكبر كل هذه الحقوقتعتبر من حقوق الله حتي يتكاتف المجتمع علي القيام بها والمحافظة عليها.كما يحافظ علي حقوق الله سبحانه وكذلك المظلوم يجب أن يتكاتف المجتمع علينصرته وانصافه من الظلم الذي ألم به ولهذا توعد الله الظالمين بقوله فيالحديث القدسي الصحيح "وعزتي وجلالي لأنتقمن من الظالم ولو بعد حين" انهذا الوعيد يدل علي ان حقوق الضعفاء والمظلومين من حقوق الله سبحانهوتعالي ولن تبرأ ذمة المجتمع إلا بالقيام عليها.
اعتذر على الاطاله اخوكم عمر الشريف